-->

الأحدث

التطوّع في كأس العالم 2026: حين يتحول الحلم إلى واقع ملموس






في صباح يوم عادي، وأنت تحتسي قهوتك المعتادة، قد تمر أمامك أخبار عن بطولة كأس العالم القادمة. ربما تشاهد صورًا للملاعب الضخمة، أو تسمع تعليقات المحللين وهم يتوقعون نتائج المباريات. لكن هل فكرت يومًا أن تكون جزءًا حقيقيًا من هذا الحدث الكوني؟ ليس كمتفرج يجلس خلف الشاشة، بل كإنسان يلمس قلب الحدث، يشعر بنبضه، يتنفس هواءه، ويساهم في صناعة لحظاته التاريخية؟

التطوع في كأس العالم 2026 ليس مجرد فرصة عمل تضاف إلى سيرتك الذاتية، إنها رحلة إنسانية كاملة تعيد تشكيل فهمك للعالم، لنفسك، ولمعنى أن تكون جزءًا من شيء أكبر منك بكثير. إنها القصة التي ستحكيها لأحفادك، والذكريات التي ستظل محفورة في ذاكرتك حتى بعد عقود من انتهاء البطولة.

لماذا كأس العالم 2026 مختلف عن كل ما سبق؟

دعني أخبرك شيئًا: هذه النسخة من كأس العالم ليست كأي نسخة أخرى. للمرة الأولى في التاريخ، ستستضيف ثلاث دول مختلفة هذا الحدث الأسطوري: الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، والمكسيك. تخيل معي اتساع هذه المساحة الجغرافية، تنوع الثقافات، اختلاف اللغات، وتعدد البيئات التي ستحتضن أكبر احتفالية رياضية على وجه الأرض.

هذا يعني أن عدد المتطوعين المطلوبين سيكون غير مسبوق. آلاف، بل عشرات الآلاف من الأشخاص من مختلف الجنسيات والخلفيات سيجتمعون تحت راية واحدة: خدمة كرة القدم، خدمة الإنسانية، وصناعة التاريخ معًا.

البطولة ستضم 48 منتخبًا بدلًا من 32، مما يعني مباريات أكثر، أيام أطول، وحاجة أكبر لأيدي عاملة متفانية تؤمن برسالة هذا الحدث الكبير. الملاعب منتشرة عبر مدن عملاقة مثل نيويورك، لوس أنجلوس، تورونتو، مكسيكو سيتي، وغيرها الكثير. كل مدينة لها روحها الخاصة، وكمتطوع، ستكون لديك الفرصة لاستكشاف هذا التنوع المذهل.

البعد الإنساني خلف الأرقام

حين نتحدث عن كأس العالم، غالبًا ما تطغى الأرقام على القصص الإنسانية. نسمع عن مليارات المشاهدين، ملايين التذاكر، ومئات الملايين من الدولارات. لكن وراء كل هذه الأرقام الباردة، هناك قصص دافئة لأشخاص عاديين قرروا أن يكونوا غير عاديين لبضعة أسابيع.

أتذكر قصة قرأتها عن متطوعة في كأس العالم 2018 في روسيا. كانت معلمة بسيطة من مدينة صغيرة، لم تسافر خارج بلدها من قبل. قررت أن تتطوع، وانتهى بها المطاف تساعد عائلة يابانية تائهة في إيجاد طريقها للفندق ب


عد منتصف الليل. لم تكن تتحدث اليابانية، ولم يكونوا يجيدون الروسية بطلاقة، لكن الإنسانية كانت اللغة المشتركة. حتى اليوم، لا تزال على تواصل معهم، وزارتهم في طوكيو بعد سنوات. هذه هي القصص الحقيقية التي تصنع كأس العالم.

ماذا يعني أن تكون متطوعًا في كأس العالم؟

عندما تقرر التقديم للتطوع، فأنت لا تملأ مجرد استمارة إلكترونية. أنت تفتح بابًا نحو تجربة ستغير حياتك حرفيًا. دعني أشرح لك بعمق ما الذي ينتظرك:

العمل الجاد الذي يستحق كل قطرة عرق

لن أكذب عليك وأقول إن التطوع سيكون نزهة سياحية مريحة. الحقيقة أن الأيام ستكون طويلة، قد تبدأ يومك قبل شروق الشمس وتنهيه بعد منتصف الليل. ستكون على قدميك لساعات طويلة، ستتعامل مع مواقف معقدة، وستواجه تحديات لم تكن تتوقعها.

لكن هنا يكمن الجمال: كل تلك اللحظات الصعبة ستتحول إلى ذكريات ثمينة. حين تساعد طفلًا صغيرًا مع عائلته للوصول إلى مقاعدهم، وترى الفرحة تتفجر في عينيه عند رؤية الملعب للمرة الأولى، ستدرك أن كل دقيقة تعب كانت تستحق.

التنوع الوظيفي الذي يناسب كل الشخصيات

واحدة من أجمل ميزات التطوع في كأس العالم هي تنوع الأدوار المتاحة. لست مضطرًا لأن تكون خبيرًا رياضيًا أو تتحدث عشر لغات لتكون متطوعًا فعالًا. البطولة بحاجة لمختلف المهارات والشخصيات:

  • استقبال الضيوف والإرشاد: إذا كنت شخصًا اجتماعيًا يحب التواصل مع الآخرين ويستمتع بمساعدة الناس، هذا الدور مثالي لك. ستكون الوجه الأول الذي يراه الحضور، وستساعدهم في إيجاد طريقهم، والإجابة عن استفساراتهم.
  • المساعدة الإعلامية: إذا كنت مهتمًا بالصحافة أو الإعلام، يمكنك العمل مع الفرق الإعلامية العالمية، مساعدة الصحفيين، تنسيق المقابلات، والعمل خلف الكواليس في المؤتمرات الصحفية.
  • الدعم التقني واللوجستي: لمحبي التنظيم والتخطيط، هناك أدوار تتعلق بإدارة المعدات، تنسيق النقل، والتأكد من أن كل شيء يسير وفق الجدول المحدد.
  • الخدمات الطبية والإسعافات الأولية: إذا كان لديك خلفية طبية أو تمريضية، ستكون مساهمتك لا تقدر بثمن في ضمان سلامة الجميع.
  • إدارة التذاكر والبوابات: دور حيوي يضمن دخول الجماهير بسلاسة وأمان، ويتطلب دقة وصبر.
  • الترجمة والتواصل متعدد اللغات: إذا كنت تجيد لغات متعددة، ستكون جسرًا حيويًا بين الثقافات المختلفة.
  • الضيافة والفعاليات الخاصة: العمل في المناطق المخصصة للشخصيات الهامة والرعاة، وهو دور يتطلب احترافية عالية وذوقًا راقيًا.

اللحظات التي تجعلك تشعر بأنك حي حقًا

هناك لحظات خلال التطوع لن تجدها في أي وظيفة أخرى. تخيل أنك تقف في نفق الملعب، وفجأة يمر بجانبك ميسي أو رونالدو أو مبابي في طريقهم للملعب. قلبك ينبض بقوة، لكنك تحافظ على احترافيتك، تبتسم، وتكمل عملك. هذه اللحظة، هذا الشعور بأنك جزء من التاريخ الحي، لا يُشترى بالمال.

أو تخيل أنك تساعد عجوزًا من بلد بعيد يحقق حلم عمره بحضور مباراة كأس العالم. يمسك يدك بحرارة، وعيناه تلمعان بالدموع، ويقول لك بلغة مكسورة: "شكرًا، لقد جعلت حلمي يتحقق". في هذه اللحظة، تدرك أن التطوع ليس عن كرة القدم فقط، بل عن الإنسانية في أنقى صورها.

رحلة التقديم: خطوة بخطوة نحو تحقيق الحلم

الآن، دعني آخذك في جولة تفصيلية عبر عملية التقديم. المعرفة قوة، وكلما كنت مستعدًا أكثر، زادت فرصك في أن تكون واحدًا من المختارين.

المتطلبات الأساسية: هل أنت مؤهل؟

قبل أن تبدأ بملء الاستمارة، دعنا نتحقق من المتطلبات الأساسية:

العمر: يجب أن تكون بالغًا (18 عامًا أو أكثر) وقت البطولة. هذا ليس تمييزًا ضد الشباب، بل لأن العمل يتطلب مسؤولية قانونية وقدرة على التعامل مع مواقف معقدة.

اللغة: إجادة الإنجليزية ضرورية كلغة أساسية. إذا كنت تتحدث الإسبانية أو الفرنسية، فهذا يزيد فرصك بشكل كبير. أي لغات إضافية تعتبر ميزة إضافية رائعة.

التوافر: يجب أن تكون متاحًا لفترة متواصلة لا تقل عن 10 أيام، ومستعدًا للعمل لساعات طويلة قد تصل إلى 12 ساعة يوميًا.

الالتزام: هذا ليس التزامًا ماديًا فقط، بل التزام معنوي ونفسي. المنظمون يستثمرون وقتًا وجهدًا في تدريبك، وعليك أن تكون جادًا في إتمام مهمتك.

اللياقة البدنية: لست بحاجة لأن تكون رياضيًا أولمبيًا، لكن يجب أن تكون قادرًا على الوقوف والمشي لفترات طويلة، وحمل أشياء بوزن معقول.

ملء الاستمارة: فن عرض نفسك

الاستمارة ليست مجرد نموذج روتيني. إنها فرصتك الأولى والأهم لتظهر للمنظمين من أنت حقًا. إليك بعض النصائح الذهبية:

كن صادقًا ومحددًا في خبراتك: لا تبالغ ولا تقلل من شأن نفسك. إذا كنت قد تطوعت في حدث محلي صغير، اذكره. إذا كانت لديك خبرة في خدمة العملاء من عملك في مقهى، هذا مهم أيضًا. كل تجربة لها قيمتها.

أظهر شغفك بطريقة حقيقية: المنظمون يقرؤون آلاف الاستمارات. الفرق بين استمارة تُقبل وأخرى تُرفض غالبًا يكمن في الشغف الحقيقي. لا تكتب جملًا عامة مثل "أحب كرة القدم". بل اكتب شيئًا مثل: "أتذكر حين كنت طفلًا في الثامنة، شاهدت كأس العالم 1998 مع والدي، ومنذ ذلك اليوم أصبح حلمي أن أكون جزءًا من هذا الحدث بأي شكل كان."

وضح مهاراتك الشخصية: المهارات التقنية مهمة، لكن المهارات الشخصية أكثر أهمية في التطوع. هل أنت صبور؟ هل تستطيع حل المشاكل بسرعة؟ هل تعمل جيدًا ضمن فريق؟ هل تحتفظ بهدوئك تحت الضغط؟ هذه هي الصفات التي يبحثون عنها.

اختر تفضيلاتك بحكمة: سيُطلب منك اختيار الأدوار التي تفضلها والمدن التي ترغب بالعمل فيها. كن مرنًا، لكن أيضًا كن واضحًا بشأن ما تشعر أنك ستتفوق فيه.

عملية الاختيار: ما بعد الضغط على زر "إرسال"

بعد تقديم طلبك، يبدأ الانتظار. هذا الانتظار قد يكون صعبًا، لكن فهم ما يحدث خلف الكواليس سيساعدك:

المرحلة الأولى - المراجعة الأولية: يتم فحص جميع الطلبات للتأكد من استوفاء المتطلبات الأساسية. هذه المرحلة تلقائية في معظمها، لذا تأكد من ملء كل الحقول بدقة.

المرحلة الثانية - التقييم التفصيلي: تقوم لجان متخصصة بمراجعة الطلبات المؤهلة، مع التركيز على الخبرات، المهارات، واللغات. هنا تبرز قوة استمارتك الحقيقية.

المرحلة الثالثة - المقابلات: إذا تم اختيارك للمرحلة التالية، قد تُجرى معك مقابلة عبر الفيديو أو الهاتف. كن نفسك، كن طبيعيًا، ودع شغفك يتحدث عنك.

الإشعار النهائي: إذا تم قبولك، ستتلقى إشعارًا رسميًا يحدد دورك، موقعك، والخطوات التالية. هذه اللحظة ستكون من أجمل لحظات حياتك، صدقني.

التدريب والإعداد: صناعة المتطوع المحترف

القبول هو البداية فقط. الرحلة الحقيقية تبدأ مع التدريب، وهو عملية مصممة بعناية لتحويلك من شخص متحمس إلى متطوع محترف جاهز لأي تحدٍ.

التدريب الإلكتروني: التعلم من منزلك

ستبدأ بمجموعة من الدورات الإلكترونية التي يمكنك إكمالها بالسرعة التي تناسبك. هذه الدورات تغطي:

  • تاريخ كأس العالم وأهميته الثقافية: لتفهم حقًا عظمة ما تشارك فيه.
  • قوانين كرة القدم الأساسية: ليس عليك أن تكون حكمًا، لكن فهم القواعد الأساسية سيساعدك في التواصل مع الجماهير.
  • بروتوكولات السلامة والأمن: كيف تتصرف في حالات الطوارئ، وكيف تضمن سلامتك وسلامة الآخرين.
  • مهارات خدمة العملاء المتقدمة: التعامل مع مختلف الشخصيات، حل النزاعات، وتقديم خدمة استثنائية.
  • التواصل بين الثقافات: فهم الاختلافات الثقافية وكيفية التواصل بفعالية مع أشخاص من خلفيات متنوعة.

التدريب الميداني: التجربة الحقيقية قبل الحدث

قبل أسابيع من انطلاق البطولة، ستُدعى لحضور جلسات تدريب ميدانية في الموقع الذي ستعمل فيه. هذه الجلسات لا تُقدر بثمن:

ستزور الملعب أو المنشأة التي ستعمل بها، ستتعرف على المرافق، المخارج، نقاط الاجتماع، وكل التفاصيل الصغيرة التي ستحتاج لمعرفتها. ستلتقي بفريقك، المشرفين عليك، وستبني علاقات ستكون أساس نجاحك.

الأهم من ذلك، ستخوض تمارين محاكاة لمواقف حقيقية. قد يطلبون منك التعامل مع جمهور غاضب (ممثلون بالطبع)، أو مساعدة شخص مصاب، أو حل مشكلة لوجستية معقدة. هذه المحاكاة تعدك للواقع وتزيد ثقتك بنفسك.

المجتمع والتواصل: بناء عائلتك الجديدة

واحدة من أجمل جوانب التدريب هي الصداقات التي ستبنيها. ستجد نفسك محاطًا بأشخاص من كل أنحاء العالم، كلهم يشاركونك نفس الحلم ونفس الشغف. بعضهم سيصبح أصدقاء لمدى الحياة.

التجربة الفعلية: داخل قلب الحدث

الآن وصلنا للجزء الذي كنت تنتظره: كيف تبدو الحياة فعليًا كمتطوع خلال البطولة؟

اليوم النموذجي (إذا كان هناك شيء نموذجي!)

الفجر والاستعداد: يبدأ يومك مبكرًا، ربما الساعة الخامسة أو السادسة صباحًا. تناول إفطارًا جيدًا - ستحتاجه. ارتدِ زيك الرسمي بفخر؛ هذا الزي هو بطاقتك إلى عالم لا يراه معظم الناس.

الوصول والإحاطة الصباحية: تصل إلى موقعك قبل ساعات من بدء المباراة. تجتمع مع فريقك، يطلعكم المشرف على تفاصيل اليوم، أي تغييرات في الخطة، وأي تحديات متوقعة.

الهدوء قبل العاصفة: في الساعات الأولى، يكون كل شيء هادئًا نسبيًا. تتفقد منطقتك، تتأكد من أن كل شيء في مكانه، تراجع معلوماتك، وتستعد ذهنيًا.

بداية الموجة: قبل ساعتين من المباراة، تبدأ الجماهير بالوصول. هنا تبدأ المغامرة الحقيقية. الأسئلة تنهال من كل اتجاه: "أين مقعدي؟" "أين الحمامات؟" "هل يمكنني إدخال هذه الحقيبة؟" "أين أجد طعامًا حلالًا؟" كل سؤال هو فرصة لترك انطباع إيجابي.

لحظة الانطلاق: عندما يبدأ النشيد الوطني، وتشتعل الأجواء، وتشعر بارتجاف الأرض تحت قدميك من هتافات الجماهير، تدرك أن كل التعب كان يستحق. أنت هنا، في قلب التاريخ.

فترة المباراة: خلال المباراة، عملك لا يتوقف. قد تحتاج لمساعدة شخص يشعر بتوعك، أو حل خلاف بين مشجعين، أو تنسيق حركة الصحفيين. كل لحظة مليئة بالمفاجآت.

ما بعد النهاية: بعد انتهاء المباراة، يبدأ التحدي الأكبر: مساعدة عشرات الآلاف من الناس على الخروج بأمان وسلاسة. إدارة الحشود فن، وأنت تصبح فنانًا ماهرًا.

الإغلاق والتقييم: بعد مغادرة آخر شخص، يجتمع الفريق مرة أخرى. تشاركون ما حدث، تتعلمون من التحديات، وتحتفلون بالنجاحات. هذه اللحظات من الصداقة الحميمة بعد يوم طويل لا تُنسى.

التحديات الحقيقية ومكافآتها الأكبر

حاجز اللغة: سيأتي مشجعون من اليابان، المغرب، البرازيل، كوريا، وعشرات الدول الأخرى. كيف تتواصل مع شخص لا يتحدث أي لغة تعرفها؟ هنا تتعلم أن الابتسامة لغة عالمية، أن الإيماءات تتجاوز الكلمات، وأن النية الطيبة تُفهم دائمًا.

الضغط النفسي: بعض الأيام ستكون صعبة. قد تواجه شخصًا عدوانيًا، أو موقفًا يفوق سيطرتك. تتعلم كيف تحافظ على هدوئك، كيف تطلب المساعدة عند الحاجة، وكيف تفصل بين العمل والشخصي.

الإرهاق الجسدي: قدماك ستؤلمانك، ظهرك سيتعب، وأحيانًا ستشعر أنك على وشك الانهيار. لكن في اللحظة التي ترى فيها طفلًا صغيرًا يقفز من الفرح بعد فوز منتخب بلاده، ينسى جسدك كل الألم.

المكافآت التي لا تُقدر بثمن: أكبر مكافأة ليست ماديًا (رغم أنك ستحصل على بعض الامتيازات الرائعة مثل الزي الرسمي، الوجبات، وأحيانًا تذاكر لحضور مباريات). المكافأة الحقيقية هي الشعور بالإنجاز، الذكريات التي صنعتها، والشخص الجديد الذي أصبحته.

الفوائد والمزايا: أكثر مما تتخيل

دعني أكن واضحًا: التطوع في كأس العالم يقدم قيمة هائلة تتجاوز بكثير المال.

الفوائد المهنية والعملية

شهادة معترف بها دوليًا: عند انتهاء البطولة، ستحصل على شهادة رسمية من الفيفا. هذه ليست مجرد ورقة، بل وثيقة تفتح أبوابًا لا تتخيلها في المستقبل.

شبكة علاقات عالمية: ستلتقي بمحترفين من مختلف المجالات: منظمي فعاليات، مسؤولي أمن، إعلاميين، مترجمين، إداريين، وغيرهم. هذه العلاقات قد تتحول إلى فرص عمل، شراكات، أو على الأقل صداقات قيمة.

مهارات قابلة للنقل: المهارات التي تكتسبها - العمل تحت الضغط، حل المشكلات، التواصل متعدد الثقافات، إدارة الوقت - ستفيدك في أي مجال تعمل به مستقبلًا.

تعزيز السيرة الذاتية: عندما يرى صاحب عمل محتمل أنك كنت متطوعًا في كأس العالم، يعرف فورًا أنك شخص ملتزم، موثوق، ولديه القدرة على التعامل مع بيئات معقدة.

الفوائد الشخصية والروحية

النمو الشخصي: ستكتشف قوة لم تكن تعرفها في نفسك. ستواجه مخاوفك، ستتجاوز حدودك، وستخرج من منطقة راحتك بطرق لم تتخيلها. الشخص الذي سيعود بعد انتهاء البطولة لن يكون نفس الشخص الذي بدأ الرحلة.

الثقة بالنفس: عندما تنجح في حل مشكلة معقدة، أو تساعد شخصًا في لحظة حرجة، أو تتلقى شكرًا صادقًا من مشجع سعيد، تنمو ثقتك بنفسك بشكل طبيعي وحقيقي.

منظور جديد للعالم: ستلتقي بأشخاص من ثقافات مختلفة تمامًا عن ثقافتك. ستسمع قصصهم، ستفهم وجهات نظرهم، وستدرك أن العالم أوسع وأجمل مما كنت تظن. هذا المنظور سيغير طريقة تفكيرك للأبد.

الذكريات التي تدوم: بعد عشرين عامًا، قد تنسى الوظيفة التي كنت تعمل بها في 2026، لكنك لن تنسى أبدًا تلك الليلة في الملعب عندما ساعدت عائلة من الأرجنتين تحتفل بفوز منتخبهم، أو ذلك الصباح عندما شاهدت شروق الشمس من داخل ملعب فارغ.

المزايا العملية التي تستحق الذكر

الزي الرسمي: ستحصل على طقم كامل من الملابس الرسمية عالية الجودة، مصممة خصيصًا للبطولة. هذا الزي سيصبح كنزًا تحتفظ به، وربما ترتديه بفخر في مناسبات قادمة.

الوجبات والمرطبات: خلال فترات عملك، ستُقدم لك وجبات مجانية ومشروبات. المنظمون يدركون أنك تعمل بجد، ويحرصون على أن تكون مرتاحًا وممتلئ الطاقة.

النقل المجاني: في معظم الحالات، سيتم توفير نقل مجاني من وإلى موقع عملك، أو ستحصل على بطاقات نقل عام مجانية.

تذاكر لحضور المباريات: بالرغم من أنك ستعمل في بعض المباريات، إلا أن المتطوعين عادة يحصلون على فرص لحضور مباريات أخرى كمتفرجين. تخيل أن تشاهد مباراة نهائية من المدرجات!

حفلات وفعاليات خاصة: المنظمون يقيمون فعاليات خاصة للمتطوعين - حفلات تعارف، أمسيات ثقافية، وأنشطة ترفيهية تساعدك على الاسترخاء وبناء صداقات.

خصومات وعروض: ستحصل على بطاقة متطوع تمنحك خصومات في العديد من المتاجر والمطاعم والفنادق في المدينة المضيفة.

القصص الملهمة: أشخاص حقيقيون، تجارب استثنائية

دعني أشاركك بعض القصص الحقيقية من متطوعين سابقين في بطولات سابقة. هذه القصص ستعطيك فكرة حقيقية عن التحولات التي يمكن أن تحدث:

قصة سارة: من الخجل إلى القيادة

سارة كانت فتاة خجولة من بلدة صغيرة في ألمانيا، بالكاد تستطيع النظر في عيون الغرباء. تطوعت في كأس العالم 2006 على الرغم من مخاوفها، وكان دورها استقبال الضيوف في أحد الملاعب. في اليوم الأول، كانت ترتعش من الخوف. لكن مع مرور الأيام، وجدت نفسها تتحدث بثقة، تحل المشاكل بسرعة، وتقود مجموعات من المتطوعين الجدد.

اليوم، سارة هي مديرة فعاليات في شركة دولية كبرى. تقول دائمًا: "كأس العالم لم يمنحني وظيفة، بل أعطاني شخصية جديدة كاملة. علمني أنني أقوى بكثير مما كنت أظن."

قصة أحمد: جسر بين الثقافات

أحمد، شاب مصري يعيش في الولايات المتحدة، تطوع في كأس العالم 2014 في البرازيل. كان يتحدث العربية والإنجليزية بطلاقة، مع بعض البرتغالية الأساسية. خلال إحدى المباريات، لاحظ عائلة سعودية تبدو ضائعة ومرتبكة. اقترب منهم، ساعدهم باللغة العربية، وانتهى به الأمر بقضاء عدة ساعات يرشدهم في المدينة.

بعد انتهاء البطولة، ظلت العائلة على تواصل معه. اتضح أن الأب يملك شركة كبيرة، وبعد عام، عرض على أحمد وظيفة في قسم التوسع الدولي. القصة لا تنتهي هنا - أحمد تزوج لاحقًا من إحدى بنات العائلة، وهو الآن يعيش حياة لم يكن ليحلم بها لولا ذلك اليوم في الملعب.

قصة ماريا: اكتشاف الشغف الحقيقي

ماريا كانت محاسبة في مدريد، تعيش حياة روتينية تشعر فيها بالملل العميق. تطوعت في كأس العالم 2018 في روسيا على أمل أن تضيف بعض الإثارة لحياتها. تم تعيينها في قسم الإعلام، تساعد الصحفيين وتنسق المقابلات.

اكتشفت ماريا شغفًا لم تكن تعرف بوجوده: عالم الإعلام والصحافة الرياضية. بعد عودتها، قررت تغيير مسارها المهني بالكامل. درست الإعلام الرياضي، بدأت مدونة، وبعد سنوات من الجهد، أصبحت مراسلة رياضية معروفة تغطي أحداث كبرى حول العالم.

قصة كينجي: تجاوز الصدمة

كينجي، شاب ياباني، فقد والده في حادث قبل عام من كأس العالم 2010. كان الوالد مشجعًا متحمسًا، وكان حلمه أن يحضر كأس العالم مع ابنه. بعد وفاته، شعر كينجي بالضياع والحزن العميق. قرر التطوع في كأس العالم كطريقة لتكريم ذكرى والده.

خلال البطولة، التقى برجل عجوز من الأوروغواي جاء لوحده لأن ابنه توفي قبل سنوات. جلسا معًا، تحدثا، بكيا، وشفيا معًا. اليوم، كينجي يعمل كمرشد نفسي متخصص في التعامل مع الحزن والفقد، ويقول إن تلك التجربة علمته أن الشفاء يأتي من خلال التواصل الإنساني.

التحضيرات العملية: كيف تستعد بذكاء؟

الآن بعد أن قررت أنك تريد أن تكون جزءًا من هذه المغامرة، دعني أعطيك نصائح عملية ستساعدك على الاستعداد بشكل مثالي:

التحضير المالي: الواقعية مهمة

التطوع يعني أنك لن تتقاضى راتبًا، لكن هذا لا يعني أنه لن تكون هناك تكاليف. كن واقعيًا وخطط مسبقًا:

تكاليف السفر: إذا كنت قادمًا من خارج المدينة المضيفة، ستحتاج لشراء تذاكر طيران أو قطار. ابدأ البحث مبكرًا للحصول على أفضل الأسعار. بعض المتطوعين يوفرون لأشهر لتغطية هذه التكاليف.

الإقامة: قد توفر بعض برامج التطوع إقامة مجانية أو مخفضة، لكن في كثير من الأحيان ستحتاج لترتيب سكنك بنفسك. فكر في خيارات مثل بيوت الشباب، السكن المشترك مع متطوعين آخرين، أو Airbnb. كلما حجزت مبكرًا، كانت الأسعار أفضل.

المصاريف اليومية: رغم توفير الوجبات خلال العمل، ستحتاج لمال للأيام الحرة، التنقلات الإضافية، والنفقات الشخصية. احسب ميزانية واقعية.

التأمين الصحي: تأكد من أن لديك تأمين صحي يغطيك في البلد المضيف. بعض البرامج توفر تأمينًا محدودًا، لكن من الأفضل أن يكون لديك تغطية شاملة.

صندوق الطوارئ: احتفظ بمبلغ احتياطي للطوارئ غير المتوقعة - رحلة طبيب، فقدان حقيبة، تغيير خطط السفر، إلخ.

التحضير البدني: جسمك أداتك

ابدأ بتحسين لياقتك مبكرًا: لا تنتظر حتى قبل البطولة بأسبوع. ابدأ قبل شهور بتحسين قدرتك على الوقوف والمشي لفترات طويلة. مارس المشي اليومي، اصعد السلالم بدلًا من المصعد، واعتنِ بصحتك العامة.

استثمر في أحذية مريحة جيدة: هذه ليست نقطة للمساومة. أحذيتك هي أهم معدة ستحملها. اشترِ حذاءً رياضيًا عالي الجودة، مخصصًا للوقوف الطويل، وابدأ بارتدائه قبل أشهر لتتأكد أنه مريح.

تعلم تمارين التمدد: ستحتاج لتمارين تمدد بسيطة تستطيع القيام بها خلال فترات الراحة لتخفيف التعب على قدميك وظهرك.

النوم الجيد: في الأسابيع السابقة للبطولة، احرص على الحصول على نوم كافٍ ومنتظم. جسمك سيحتاج لكل طاقته.

التحضير اللغوي: افتح أبواب التواصل

حسّن لغتك الإنجليزية: حتى لو كنت تتحدثها بشكل جيد، هناك دائمًا مجال للتحسين. ركز على المصطلحات المتعلقة بكرة القدم، الاتجاهات، والعبارات الشائعة في خدمة العملاء.

تعلم عبارات أساسية بلغات متعددة: ليس عليك أن تصبح متحدثًا بطلاقة، لكن معرفة عبارات بسيطة مثل "مرحبًا"، "كيف يمكنني المساعدة؟"، "من فضلك اتبعني"، "هل أنت بخير؟" بلغات مثل الإسبانية، الفرنسية، العربية، البرتغالية، اليابانية، والكورية سيحدث فرقًا كبيرًا.

استخدم تطبيقات الترجمة: حمّل تطبيقات مثل Google Translate على هاتفك، وتأكد من تنزيل حزم اللغات للاستخدام بدون إنترنت.

تعلم لغة الجسد العالمية: الابتسامة، الإيماءات الواضحة، والتعبيرات الودية تتجاوز كل حواجز اللغة.

التحضير النفسي: قوة العقل

ضع توقعات واقعية: لن يكون كل يوم مثاليًا. ستواجه تحديات، لحظات إحباط، وربما أشخاصًا صعبي المراس. هذا جزء من التجربة.

طوّر مرونتك العاطفية: تعلم تقنيات بسيطة لإدارة التوتر - التنفس العميق، التفكير الإيجابي، التركيز على الحل بدلًا من المشكلة.

احتفظ بدفتر يوميات: خطط لكتابة تجاربك اليومية. هذا لن يساعدك فقط على معالجة مشاعرك، بل سيمنحك سجلًا ثمينًا تعود إليه في المستقبل.

تواصل مع متطوعين سابقين: ابحث عبر الإنترنت عن مجموعات ومنتديات لمتطوعين سابقين. اسألهم عن تجاربهم، نصائحهم، وما يتمنون لو عرفوه قبل البداية.

التأثير الاجتماعي: أنت تصنع فرقًا حقيقيًا

أحيانًا، في زحمة الإثارة والمغامرة، ننسى الصورة الأكبر. عملك كمتطوع له تأثير اجتماعي عميق يمتد إلى ما هو أبعد بكثير من الملاعب.

سفير لبلدك وثقافتك

كمتطوع، أنت تمثل بلدك بطريقة مباشرة وشخصية. كل تفاعل إيجابي تقوم به يحسن الصورة النمطية التي قد يحملها الآخرون عن ثقافتك. حين تعامل شخصًا باحترام وطيبة، فأنت تبني جسورًا بين الشعوب أقوى من أي اتفاقية سياسية.

تعزيز السياحة والاقتصاد المحلي

خدمتك الممتازة تجعل الزوار يشعرون بالترحيب والأمان. هذا يعني أنهم سيعودون، سينفقون أكثر، وسيوصون أصدقاءهم بزيارة المدينة. أنت بشكل مباشر تساهم في دعم الاقتصاد المحلي - المطاعم، الفنادق، المتاجر، وسائقي التاكسي، كلهم يستفيدون من التجربة الإيجابية التي تساعد في خلقها.

إلهام الأجيال القادمة

الأطفال الذين يرونك تعمل بحماس وإخلاص يتعلمون درسًا قيمًا عن قيمة العطاء والخدمة. أنت نموذج حي يثبت أن النجاح ليس فقط في ما تكسبه، بل أيضًا في ما تعطيه.

تعزيز الوحدة والتفاهم

في عالم مليء بالانقسامات والصراعات، كأس العالم هي واحدة من المناسبات النادرة التي تجمع البشرية حول شغف مشترك. عملك كمتطوع يساعد في خلق تلك اللحظات السحرية حين ينسى الناس اختلافاتهم ويحتفلون معًا بجمال الرياضة والإنسانية.

ما بعد كأس العالم: الرحلة لا تنتهي

البطولة ستنتهي بعد شهر، لكن تأثيرها على حياتك سيستمر لسنوات. دعني أخبرك كيف تستثمر هذه التجربة لأقصى حد:

الحفاظ على العلاقات

شبكة المتطوعين: أنشئ مجموعة على واتساب أو فيسبوك تضم زملاءك المتطوعين. حافظ على التواصل، شارك الذكريات، وادعم بعضكم البعض في مساراتكم المهنية.

العلاقات الدولية: أولئك الأصدقاء الذين صنعتهم من بلدان أخرى هم كنز. زرهم إن أمكن، حافظ على التواصل الدوري، واستفد من منظورهم المختلف.

التواصل مع المنظمين: المشرفون والمنسقون الذين عملت معهم قد يكونون مفاتيحك لفرص مستقبلية. حافظ على علاقة احترافية معهم.

استثمار الشهادة والخبرة

تحديث السيرة الذاتية: أضف تجربتك بشكل احترافي، مع التركيز على المهارات المكتسبة والإنجازات المحققة، وليس فقط المسمى الوظيفي.

ملف LinkedIn: اجعل تجربتك بارزة على حسابك، واكتب مقالًا تفصيليًا عن ما تعلمته. هذا سيجذب انتباه أصحاب العمل والمهنيين في مجالك.

المقابلات الوظيفية: عندما تُسأل عن نقاط قوتك أو تجاربك المميزة، استخدم أمثلة محددة من تطوعك. القصص الحقيقية أقوى من الكلام العام.

المساهمة المستمرة

التطوع المحلي: لا تدع روح العطاء تموت بعد انتهاء البطولة. ابحث عن فرص تطوع محلية - في المدارس، المستشفيات، دور الأيتام، أو الفعاليات المجتمعية.

الإرشاد والتوجيه: شارك خبرتك مع الآخرين المهتمين بالتطوع. كن المرشد الذي ربما كنت تتمنى وجوده قبل أن تبدأ رحلتك.

التوثيق والكتابة: اكتب عن تجربتك - مقالات، مدونات، أو حتى كتاب. قصتك قد تلهم الآلاف للانضمام لمغامرات مشابهة.

نصائح ذهبية من القلب

بعد كل ما ذكرته، دعني أشاركك بعض النصائح الشخصية التي تأتي من القلب:

لا تخف من الفشل: ستخطئ، ستنسى تعليمات، ربما تضيع في الملعب الضخم، أو تقول شيئًا محرجًا بلغة أجنبية. هذا كله طبيعي ومقبول. المهم أن تتعلم وتستمر.

كن حاضرًا بكل جوارحك: في عصر الهواتف الذكية، من السهل أن تفوتك اللحظات الحقيقية وأنت منشغل بالتصوير والنشر على وسائل التواصل. بالطبع، التقط الصور، لكن لا تنسَ أن تعيش اللحظة فعلًا.

اعتنِ بنفسك: لا تستنزف نفسك تمامًا. خذ فترات راحة، اشرب الماء، تناول الطعام الصحي، ونم جيدًا. لا يمكنك تقديم أفضل ما لديك إذا كنت منهكًا.

اسأل عن المساعدة: لست مطالبًا بمعرفة كل شيء أو حل كل مشكلة بمفردك. اعرف متى تحتاج للمساعدة واطلبها دون خجل.

احتفل بالإنجازات الصغيرة: كل يوم تكمله بنجاح هو إنجاز. كل مشجع تساعده هو نجاح. لا تنتظر النهاية لتحتفل؛ احتفل بكل خطوة في الطريق.

تقبّل التنوع: ستلتقي بأشخاص مختلفين جدًا عنك - في الفكر، الدين، السياسة، وأسلوب الحياة. كن منفتحًا، محترمًا، ومستعدًا للتعلم.

احمِ حماسك: في الأيام الصعبة، تذكر لماذا بدأت. عد إلى تلك الصورة الذهنية الأولى التي جعلتك تقدم طلب التطوع.

الأسئلة الشائعة: كل ما تحتاج معرفته

متى يبدأ التسجيل للتطوع في كأس العالم 2026؟

عادة يفتح باب التسجيل قبل حوالي 18-24 شهرًا من البطولة. بالنسبة لكأس العالم 2026، من المتوقع أن يبدأ التسجيل في أواخر 2024 أو أوائل 2025. تابع الموقع الرسمي للفيفا ومواقع الاتحادات الثلاثة المستضيفة للحصول على التحديثات.

هل يجب أن أكون مقيمًا في إحدى الدول المستضيفة؟

مطلقًا لا. البطولة ترحب بمتطوعين من جميع أنحاء العالم. في الواقع، التنوع الدولي مرغوب فيه وقيّم. لكن تذكر أنك ستحتاج للحصول على تأشيرة إذا لم تكن مواطنًا أو مقيمًا في الدولة المضيفة.

كم ساعة من العمل سأحتاج للقيام بها؟

يختلف الأمر حسب الدور، لكن توقع العمل حوالي 8-12 ساعة يوميًا، ولمدة 10-15 يومًا على الأقل خلال البطولة. بعض المناصب قد تتطلب التزامًا أطول.

هل سأتمكن من مشاهدة المباريات؟

إذا كان دورك داخل الملعب، قد تتمكن من مشاهدة أجزاء من المباريات أثناء عملك. كما أن المتطوعين عادة يحصلون على فرص لحضور بعض المباريات كمتفرجين في أيام راحتهم. لكن لا تتوقع أن تشاهد كل مباراة تريدها - أنت هنا للعمل أولًا.

ماذا لو لم أكن أتحدث لغات متعددة؟

الإنجليزية الأساسية عادة تكفي للعديد من الأدوار. لكن بالطبع، كلما زادت اللغات التي تتحدثها، زادت فرصك وقيمتك كمتطوع. لا تدع حاجز اللغة يمنعك من التقديم.

هل هناك حد أقصى للعمر؟

لا يوجد عادة حد أقصى للعمر، طالما أنك قادر بدنيًا على أداء المهام المطلوبة. في البطولات السابقة، كان هناك متطوعون في الستينات والسبعينات من العمر وكانوا من أفضل المتطوعين.

ماذا لو احتجت للانسحاب بعد التسجيل؟

الالتزام مهم جدًا، ويُتوقع منك الوفاء به. لكن في حالات الطوارئ الحقيقية (مرض خطير، أزمة عائلية، إلخ)، يمكنك التواصل مع المنظمين. فقط كن صادقًا ومبكرًا في إبلاغهم.

هل سأحصل على شهادة رسمية؟

نعم، جميع المتطوعين الذين يكملون مهامهم بنجاح يحصلون على شهادة رسمية معترف بها من الفيفا والاتحادات المنظمة.

رسالة ختامية: دعوة من القلب

الآن، بعد أن قرأت كل هذا، لديك كل المعلومات التي تحتاجها. لكن المعلومات وحدها لا تصنع القرار. القرار يأتي من مكان أعمق - من حدسك، من أحلامك، من ذلك الصوت الداخلي الذي يهمس لك بأن هناك شيئًا أكبر ينتظرك.

ربما الآن تفكر: "هل أنا مناسب حقًا لهذا؟" الإجابة هي نعم. ليس لأنك مثالي، بل هناك إنسان يملك القلب والعزيمة. كأس العالم لا تحتاج لأبطال خارقين، بل تحتاج لأشخاص عاديين يختارون أن يقوموا بأشياء غير عادية.

ربما تقلق بشأن المال، الوقت، المسؤوليات. هذه مخاوف مشروعة تمامًا. لكن دعني أسألك: متى كانت آخر مرة فعلت شيئًا استثنائيًا حقًا؟ شيئًا سيظل محفورًا في ذاكرتك حتى آخر يوم في حياتك؟

الحياة قصيرة بشكل مؤلم. نقضي معظمها في روتين يومي متكرر: الاستيقاظ، العمل، الأكل، النوم، ثم نكرر. وفي خضم هذا الروتين، تمر السنوات دون أن نلاحظ. نصل إلى سن الشيخوخة ونتساءل: أين ذهب الوقت؟ ماذا فعلت حقًا؟

كأس العالم 2026 هي فرصتك لكسر هذا الروتين، لكتابة فصل مختلف تمامًا في قصة حياتك. فصل مليء بالمغامرة، التحديات، النمو، والذكريات التي تستحق أن تُروى.

لمن هذه التجربة؟

هذه التجربة لكل شخص يشعر بالحماس وهو يقرأ هذه الكلمات. إذا كان قلبك ينبض أسرع قليلاً، إذا كانت فكرة أن تكون جزءًا من شيء أكبر منك تثير حماسك، إذا كنت تبحث عن معنى أعمق لحياتك - فهذه التجربة لك.

للشباب في العشرينات: هذه فرصتك لاستكشاف العالم، بناء شبكة علاقات دولية، واكتشاف مسارك الحقيقي في الحياة. سنوات العشرين هي وقت التجريب والمغامرة، والتطوع في كأس العالم هو مغامرة العمر.

للمهنيين في الثلاثينات والأربعينات: ربما تشعر أنك عالق في مسار مهني لا يُشبع روحك. هذه التجربة قد تكون النافذة التي تحتاجها للهواء النقي، للتذكير بأن الحياة أكبر من الترقيات والرواتب. قد تكتشف شغفًا جديدًا أو مسارًا مهنيًا لم تكن تتخيله.

للمتقاعدين والكبار في السن: لديكم حكمة العمر، صبر السنين، ومنظور لا يمتلكه الشباب. خبرتكم في الحياة لا تقدر بثمن في التعامل مع المواقف المعقدة. وهذه فرصتكم لإثبات أن العمر مجرد رقم، وأن الروح الشابة لا تشيخ أبدًا.

للطلاب: هذه فرصة تعليمية لن تجدها في أي جامعة. الدروس التي ستتعلمها عن القيادة، العمل الجماعي، وحل المشكلات ستفيدك طوال حياتك المهنية. وتخيل كيف ستبدو سيرتك الذاتية عند التقدم لأول وظيفة حقيقية!

للباحثين عن التغيير: إذا كنت تمر بفترة انتقالية في حياتك - تغيير مهنة، انتهاء علاقة، فقدان شخص عزيز - هذه التجربة قد تكون الشفاء الذي تحتاجه. ستجد نفسك محاطًا بالحياة، الطاقة، والإيجابية بشكل قد يساعدك على رؤية الضوء مجددًا.

كيف تبدأ الآن: خطوات عملية فورية

حسنًا، قررت أنك تريد أن تكون جزءًا من هذا. ماذا تفعل الآن؟

الخطوة الأولى - التحضير الذهني والعاطفي

خذ دفترًا واكتب لماذا تريد التطوع. كن صادقًا مع نفسك. هل هو الحب لكرة القدم؟ الرغبة في السفر؟ البحث عن مغامرة؟ الرغبة في مساعدة الآخرين؟ لا توجد إجابة خاطئة. فهم دوافعك سيساعدك على البقاء متحمسًا خلال اللحظات الصعبة.

الخطوة الثانية - التخطيط المالي

ابدأ الآن في وضع ميزانية. احسب التكاليف المحتملة: السفر، الإقامة، الطعام، النفقات الشخصية. ثم ابدأ بالادخار شهريًا. حتى لو كانت مبالغ صغيرة، المهم أن تبدأ.

افتح حسابًا توفيريًا منفصلًا خصيصًا لهذا الهدف. رؤية الأموال تتراكم ستحفزك وتجعل الحلم يبدو أكثر واقعية.

الخطوة الثالثة - بناء المهارات

لا تنتظر حتى يفتح باب التسجيل. ابدأ الآن في تطوير نفسك:

  • سجّل في دورة لتحسين لغتك الإنجليزية أو تعلم لغة جديدة.
  • تطوع في فعاليات محلية لتكتسب خبرة عملية.
  • اقرأ عن كرة القدم، تاريخ كأس العالم، والدول المستضيفة.
  • شاهد فيديوهات لمتطوعين سابقين يتحدثون عن تجاربهم.
  • مارس مهارات خدمة العملاء في حياتك اليومية.

الخطوة الرابعة - بناء الشبكة

ابحث على وسائل التواصل الاجتماعي عن مجموعات متعلقة بالتطوع في كأس العالم. انضم إليها، تفاعل، واطرح الأسئلة. ستجد مجتمعًا كاملًا من الأشخاص الذين يشاركونك نفس الحلم.

تابع الصفحات الرسمية للفيفا والاتحادات المستضيفة على كل المنصات. فعّل الإشعارات حتى لا تفوتك أي معلومة مهمة عن التسجيل.

الخطوة الخامسة - التحضير اللوجستي

تأكد من أن جواز سفرك صالح ولديه صلاحية كافية تمتد بعد انتهاء البطولة بستة أشهر على الأقل. ابدأ في البحث عن متطلبات التأشيرة للدولة التي ترغب بالتطوع فيها.

ابحث عن أماكن الإقامة المحتملة، اقرأ عن المدن المستضيفة، وابدأ في رسم خطة عامة لرحلتك.

الخطوة السادسة - المشاركة والحديث

تحدث عن خططك مع العائلة والأصدقاء. نعم، قد يكون بعضهم متشككًا أو قلقًا، لكن الحديث عن حلمك بصوت عالٍ يجعله أكثر واقعية. وقد تتفاجأ بالدعم الذي ستحصل عليه.

من يدري؟ قد تلهم صديقًا للانضمام إليك، وتكون التجربة أكثر روعة بوجود رفيق.

دروس من التاريخ: إرث المتطوعين

التطوع في كأس العالم ليس مفهومًا جديدًا. عبر العقود، ساهم مئات الآلاف من المتطوعين في نجاح البطولات المختلفة. دعني أشاركك بعض الحقائق الملهمة:

في كأس العالم 2014 بالبرازيل، شارك أكثر من 15,000 متطوع. العديد منهم أصبحوا لاحقًا منظمي فعاليات محترفين، مترجمين معتمدين، أو حتى عملوا مع منظمات دولية كبرى.

في كأس العالم 2018 بروسيا، كان هناك متطوع يبلغ من العمر 73 عامًا. عمل لساعات طويلة مثل أي شاب في العشرين، وكان من أكثر المتطوعين المحبوبين. عندما سُئل عن السبب، قال: "لأن هذا يجعلني أشعر بأنني حي."

إحدى المتطوعات في كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا التقت بزوجها المستقبلي خلال البطولة - متطوع من بلد آخر. اليوم لديهما طفلان ويعيشان في بلد ثالث، ويعتبران كأس العالم نقطة البداية لحياتهما معًا.

هذه القصص ليست استثناءات نادرة. إنها تمثل الواقع الذي ينتظر آلاف المتطوعين الذين يختارون هذه المغامرة.

النصيحة الأخيرة: استمع لقلبك

كل الكلمات في هذا المقال، كل النصائح والإحصائيات والقصص، لن تحدث فرقًا إلا إذا استمعت لقلبك. في النهاية، القرار قرارك وحدك.

لكن دعني أقول لك شيئًا: الندم على فعل شيء يتلاشى مع الوقت. أما الندم على عدم فعل شيء، فهو يعيش معك للأبد. كم من الناس يتمنون لو أنهم أخذوا تلك الفرصة، قاموا بتلك المغامرة، عاشوا ذلك الحلم؟

أنت الآن على مفترق طرق. طريق يقودك إلى الأمان والروتين المعتاد، وطريق آخر يقودك نحو المجهول، المليء بالتحديات نعم، لكن أيضًا بالإمكانيات اللامتناهية.

اختر الطريق الذي عندما تنظر للوراء بعد سنوات، لن تندم على عدم سلوكه.

خاتمة: البداية الحقيقية

هذا المقال لم يكن مجرد معلومات عن التطوع في كأس العالم 2026. كان دعوة. دعوة لك لتكون جزءًا من شيء أكبر منك، لتتجاوز حدودك، ولتعيش حياة تستحق أن تُعاش.

كأس العالم تحدث مرة كل أربع سنوات، لكن النسخة المقامة في ثلاث دول في قارة أمريكا الشمالية بهذا الحجم هي حدث نادر قد لا يتكرر في حياتك. إنها فرصة لن تأتي مرتين.

تخيل نفسك بعد عشرين عامًا. أنت جالس مع أحفادك، يسألونك عن أفضل لحظة في حياتك. ماذا ستقول؟ هل ستتحدث عن ذلك اليوم العادي في المكتب؟ أم ستحكي لهم عن ذلك الصيف الاستثنائي في 2026 عندما كنت جزءًا من كأس العالم؟

الاختيار بين يديك. الفرصة أمامك. الحلم ممكن. كل ما تحتاجه هو الشجاعة للمضي قدمًا.

فلنلتقِ في الملاعب. لنلتقِ في قلب الحدث. لنصنع معًا تاريخًا لن ينساه أحد.

رحلتك تبدأ بخطوة واحدة. وتلك الخطوة تبدأ الآن.

    التقديم من هنا

كلمة نهائية من القلب

إذا وصلت إلى هنا، إلى نهاية هذا المقال الطويل، فهذا يعني شيئًا مهمًا: أنت جاد. أنت حقًا مهتم. هذا الاهتمام، هذا الفضول، هو بداية كل رحلة عظيمة.

لا تدع المخاوف تسرق منك هذا الحلم. لا تدع الأعذار تقف في طريقك. الحياة قصيرة جدًا للعيش بأسلوب "ماذا لو". عش بأسلوب "لماذا لا؟"

أنا أؤمن بك. الآن، آن الأوان لتؤمن بنفسك.

إلى اللقاء في كأس العالم 2026. ستكون هناك، صح؟

العد التنازلي بدأ. حلمك ينتظر. والعالم بأكمله على موعد مع لحظات لن تُنسى.

هل أنت مستعد؟